سورة فصلت - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


{ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} قوله تعالى: {إن الذين يلحدون} أي يميلون عن الحق {في آياتنا} أي في أدلتنا قيل بالمكاء والتصدية واللغو واللغط وقيل يكذبون بآياتنا ويعاندون ويشاقون {لا يخفون علينا} تهديد ووعيد قيل نزلت في أبي جهل {أفمن يلقى في النار} هو أبو جهل {خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة} المعنى الذين يلحدون في آياتنا يلقون في النار والذين يؤمنون بآياتنا آمنون يوم القيامة قيل هو حمزة وقيل عثمان وقيل عمار بن ياسر {اعملوا ما شئتم} أمر تهديد ووعيد {إنه بما تعملون بصير} أي إنه عالم بأعمالكم فيجازيكم عليها {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} يعني القرآن وفي جواب إن وجهان أحدهما أنه محذوف تقديره إن الذين كفروا بالذكر يجازون بكفرهم، والثاني جوابه أولئك ينادون من مكان بعيد ثم أخذ في وصف الذكر فقال تعالى: {وإنه لكتاب عزيز} قال ابن عباس: كريم على الله تعالى، وقيل: العزيز العديم النظير وذلك أن الخلق عجزوا عن معارضته وقيل أعزه الله بمعنى منعه فلا يجد الباطل إليه سبيلاً وهو قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قيل الباطل هو الشيطان فلا يستطيع أن يغيره وقيل إنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيأتيه الباطل من خلفه فعلى هذا يكون معنى الباطل الزيادة والنقصان وقيل لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يجيء بعده كتاب فيبطله وقيل معناه أن الباطل لا يتطرق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات حتى يصل إليه وقيل: لا يأتيه الباطل عما أخبر فيما تقدم من الزمان ولا فيما تأخر {تنزيل من حكيم} أي في جميع أفعاله {حميد} أي إلى جميع خلقه بسبب نعمه عليهم ثم عزى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم إياه فقال عز وجل: {ما يقال لك} أي من الأذى والتكذيب {إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} يعني أنه قد قيل للأنبياء قبلك ساحر كما يقال لك وكذبوا كما كذبت {إن ربك لذو مغفرة} أي لمن تاب وآمن بك {وذو عقاب أليم} أي لمن أصر على التكذيب.


قوله عز وجل: {ولو جعلناه} أي هذا الكتاب الذي تقرأه على الناس {قرآناً أعجمياً} يعني بغير لغة العرب {لقالوا لولا فصلت آياته} يعني هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها {أأعجمي وعربي} يعني أكتاب أعجمي ورسول عربي وهذا استفهام إنكار والمعنى لو نزل الكتاب بلغة العجم لقالوا كيف يكون المنزل عليه عربياً والمنزل أعجمياً، وقيل في معنى الآية: أنا لو أنزلنا هذا القرآن بلغة العجم لكان لهم أن يقولوا كيف أنزلنا الكلام العجمي إلى القوم العرب ولصح قولهم أن يقولوا قلوبنا في أكنة وفي آذاننا وقر لأنا لا نفهمه ولا نحيط بمعناه، وأنا لما أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب وهم يفهمونه فكيف يمكنهم أن يقولوا قلوبنا في أكنة وفي آذاننا وقر وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على يسار غلام عامر بن الحضرمي وكان يهودياً أعجمياً يكنى أبا فكيهة فقال المشركون إنما يعلمه يسار فضربه سيده وقال إنك تعلم محمداً فقال هو والله يعلمني فأنزل الله تعالى هذه الآية: {قل} يا محمد {هو} يعني القرآن {للذين آمنوا هدى} يعني من الضلالة {وشفاء} يعني لما في القلوب من مرض الشرك والشك وقيل شفاء من الأوجاع والأسقام {والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى} يعني صموا عن استماع القرآن وعموا عنه فلا ينتفعون به {أولئك ينادون من مكان بعيد} يعني كما أن من دعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم كذلك هؤلاء في قلة انتفاعهم بما يوعظون به كأنهم ينادون من حيث لا يسمعون {ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه} يعني فمصدق به ومكذب كما اختلف قومك في كتابك {ولولا كلمة سبقت من ربك} يعني في تأخير العذاب عن المكذبين بالقرآن {لقضي بينهم} يعني لفرغ من عذابهم وعجل إهلاكهم {وإنهم لفي شك منه مريب} يعني من كتابك وصدقك {من عمل صالحاً فلنفسه} يعني يعود نفع إيمانه وعمله لنفسه {ومن أساء فعليها} يعني ضرر إساءته أو كفره يعود على نفسه أيضاً {وما ربك بظلام للعبيد} يعني فيعذب غير المسيء.
قوله عز وجل: {إليه يرد علم الساعة} يعني إذا سأل عنها سائل قيل له لا يعلم وقت قيام الساعة إلا الله تعالى ولا سبيل للخلق إلى معرفة ذلك {وما تخرج من ثمرات من أكمامها} أي من أوعيتها، وقال ابن عباس: هو الكفرى قبل أن ينشق {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} أي يعلم قدر أيام الحمل وساعاته ومتى يكون الوضع وذكر الحمل هو أم أنثى ومعنى الآية كما يرد إليه علم الساعة فكذلك يرد إليه علم ما يحدث من كل شيء كالثمار والنتاج وغيره.


{وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل} أي يعبد ون في الدنيا {وظنوا ما لهم من محيص} أي مهرب.
قوله تعالى: {لا يسأم الإنسان} أي لا يمل الكافر {من دعاء الخير} يعني لا يزال يسأل ربه الخير وهو المال والغنى والصحة {وإن مسه الشر} أي الشدة والفقر {فيؤوس} أي من روح الله تعالى {قنوط} أي من رحمته {ولئن أذقناه رحمة منا} أي آتيناه خيراً وعافية وغنى {من بعد ضراء مسته} أي من بعد شدة وبلاء أصابه {ليقولن هذا لي} أي أستحقه بعملي {وما أظن الساعة قائمة} أي ولست على يقين من البعث {ولئن رجعت إلى ربي} يقول هذا الكافر أي فإن كان الأمر على ذلك ورددت إلى ربي {إن لي عنده للحسنى} أي الجنة والمعنى كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} قال ابن عباس لنوقفنهم على مساوي أعمالهم {ولنذيقنهم من عذاب غليظ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم {وإذا مسه الشر} أي الشدة والفقر {فذو دعاء عريض} أي كثير {قل} أي قل يا محمد لكفار مكة {أرأيتم إن كان من عند الله} أي هذا القرآن {ثم كفرتم به} أي جحدتموه {من أضل ممن هو في شقاق بعيد} أي في خلاف للحق بعيد عنه والمعنى فلا أحد أضل منكم {سنريهم آياتنا في الآفاق} قال ابن عباس يعني منازل الأمم الخالية {وفي أنفسهم} أي البلاء والأمراض وقيل ما نزل بهم يوم بدر وقيل في الآفاق هو ما يفتح من القرى والبلاد على محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين وفي أنفسهم هو فتح مكة {حتى يتبين لهم أنه الحق} يعني دين الإسلام، وقيل يتبين القرآن أنه من عند الله وقيل يتبين لهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم مؤيد من قبل الله تعالى وقيل في الآفاق يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والأشجار والأنهار والنبات وفي أنفسهم يعني من لطيف الحكمة وبديع الصنعة حتى يتبين لهم أنه الحق يعني لا يقدر على هذه الأشياء إلا الله تعالى: {أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} يعني يشهد أن القرآن من عند الله تعالى، وقيل أولم يكفهم الدلائل الكثيرة التي أوضحها الله لهم على التوحيد وأنه شاهد لا يغيب عنه شيء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5